الجمعة، 10 أبريل 2009

التهدئة بعيون اسرائيلية

التهدئة بعيون إسرائيلية

أشرف نافـــذ أبو سالم
كاتب من غزة

منذ الإعلان عن التهدئة بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الإحتلال الإسرائيلي والسواد الأعظم يراهن على إنها لن تدوم سوى أشهر قليلة سرعان ما تنقضي .
والسؤال المطروح هو كيف ينظر الاحتلال الإسرائيلي للتهدئة وما هي أسبابه الباطنية للقبول بها أو محاولاته القضاء عليها ؟؟ هل لكبريائه المجروح جراء فرض التهدئة عليه رغما عن أنفه بعد فشله الذريع في القضاء على المقاومة الفلسطينية وصواريخها ؟ أم لخيبة أمله الإستخبارية والأمنية في الكشف عن مكان الجندي جلعاد شاليط ؟ والتي جاءت امتدادا لهزيمته في حرب لبنان الأخيرة على يد المقاومة اللبنانية ؟ " ضربتان في الرأس ..توجع " وقد يكون للصراعات الداخلية والحزبية داخل حكومته تأثيرا على قبوله بالتهدئة ؟ الأسئلة كثيرة وباب الإجابات عنها مفتوح للجميع .
والاهم أن عيون الاحتلال الإسرائيلي نظرت للتهدئة بعيون ماكرة خبيثة وخصوصا بوجود حالة الانقسام المؤسفة التي تمر بها القضية الفلسطينية، حيث تمكن المحتل من الإنفراد برأس السلطة الوطنية في الضفة الغربية وعمل بكل جهد لإضعاف موقفه التفاوضي والسيادي والوطني أمام مؤيديه ومعارضيه ، فهو " حارس بيارة شائخ " لا يمكن الاعتماد عليه ولا يجوز طرده من الخدمة؛ لتصميمه على البطش "بعكازه الخشبي" بالمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وأصبحت وظيفة سلطته تمسيد ومسح آثار الدبابات والجرافات الإسرائيلية غداة كل نزهة له في الضفة الغربية ، ومهمته تسليم ضباط وجنود الاحتلال الإسرائيلي الضالين في أزقة وشوارع الضفة الغربية، حيث يُحرم على قوات أمن السلطة هناك رفع السلاح في وجوه الجيش الإسرائيلي وقطعان المستوطنين حين يشنون عمليات نهب وسلب وطرد للعائلات من بيوتهم ، ناهيك عن تهويد وتدنيس المسجد الأقصى والأماكن المقدسة في مدينة القدس والخليل .. كل هذا وأكثر؛ والسلطة الوطنية في المقاطعة .. الله أعلم وأكبر !!!
أما في قطاع غزة الخط الساخن و ( الإقليم الصامد ) أمام عنجهية وجباروت الاحتلال الإسرائيلي أرى أسباب أثبتتها الأيام والمواقف لموافقة الإحتلال الإسرائيلي على التهدئة منها :
- أن حركة حماس تسيطر على قطاع غزة وتقلع عيون الاحتلال الإسرائيلي يوما بعد يوما مما يضعف من قدرة التحرك الإسرائيلي الميداني، رغم القوة التكنولوجية لا يمكن الاستغناء عن القاعدة البشرية للعمل الأمني والعسكري ، وهذا يزيد من قوة المقاومة في التصدي لأي عمل أو تخطيط عسكري مفاجئ للقطاع، ويمنح المقاومة الفلسطينية في غزة مجالاً أوسع للتدريب والتجهيز والإعداد .
- وجود حكومة راعية وداعمة للمقاومة ومحافظة على الثوابت الوطنية فكان لابد من اختبار مدى تحملها وصمودها وإحراجها أمام شعبها وحركتها بوجود تهدئة زائفة يكون الحصار والتضييق والمساومة اللغة الوحيدة للتعامل معها وإظهارها بأنها حكومة تجرى وتلهث وراء تدخل الاتحاد الأوروبي وغيره من المنظمات الدولية من أجل الضغط على الاحتلال بأن يدخل الطعام والدواء والوقود "لإقليم غزة المنكوب والمقهور والمحاصر " .
- اختبار فاعلية ومهنية إدارة حركة حماس لحكم القطاع وكيف سوف تغرق في الأخطاء وعدم السيطرة على الأزمات الداخلية كالأمن، والبطالة، وفك الحصار، والاقتصاد ،وتسيير الحياة اليومية للمواطن المسحوق .
- تشويه صورة النموذج الإسلامي المقاوم بعد أن يذوب في مفاتن وإغراءات السلطة وينعم بالراحة والقوة والنفوذ والتفرد ،حتى يصل الجميع إلى قناعة تامة بأنه لا فرق بين عشاق البنادق وعشاق الخنادق وإنهم سواسية أمام إغراءات السلطة ومفاتنها الناعمة ومناصبها الحساسة .
- اختبار أخر لحركة حماس والحكومة الفلسطينية في غزة بكيفية تعاملها وتعاطيها مع الفصائل الأخرى القريبة منها والبعيدة، في مدى التزامهم وتوافقهم واحترامهم لقرار الإجماع الوطني في التهدئة ، وكيف ستتعامل حماس في ظل دق إسفين من العيار الثقيل بينها وبين حركة الجهاد الإسلامي مثلاً ؟ وما هي طريقة حماس في الرد والتعامل مع أي فصيل مقاوم أراد خرق التهدئة ؟؟ " خلية الأزمة" .
- أرادت إسرائيل تشويه وضرب الثقة بين حماس والأنظمة العربية المجاورة وخصوصا مع الشقيقة الكبيرة مصر وإيصال النظام والشعب المصري إلى قناعة تامة بأن حركة حماس وحكومتها هي المسئولة عن حصار وتجويع الشعب وانقسامه بسبب صلابة وتحجر مواقفها -حيث أصبحت الميوعة والرعونة والتنازلات على طاولات المفاوضات دليل على حضارة وشفافية ورقى صاحبها - وجعل النظام المصري أداة قمع وتعذيب جديدة تضاف على أجساد أطفال وشيوخ ونساء فلسطين ، وخصوصا على أبناء قطاع غزة لو استغاثوا بحدود مصر سوف تكسر أرجلهم وأيديهم وما شابه .. " خلى الضمير صاحي يا أبو الغيط " .
- تريد حكومة الاحتلال أن ينتفض الشعب الفلسطيني على حكم حماس بغزة ويعلن للعالم بان "جحيم الاحتلال و أعوانه الفاسدين؛ أرحم له من حكم يوم واحد في ظل حكم حركات إسلامية وطنية " وهو هدف أمريكي صهيوني مازني .
- كل هذه الأسباب وأكثر كانت في عقول وقلوب وعيون حكومة الإحتلال الوقحة وعملت جاهدة على تدعيمها و ترسيخها على أرض الواقع، وما زالت تسعى للأمر ولن تتوانى وتتراجع إلا بعد تحقيق ما يرضى غرورها ويشفى جراح إرغامها على التهدئة، فهي تعلم بأنها لو تبرأت من التهدئة وأفشلتها لن تجد إلا خيارات المقاومة الفلسطينية التي يجب أن ترضى بها وتخضع لها، فلو انهارت التهدئة واجتاحت قطاع غزة وارتكبت جرائمها ، فإنها لن تنهى المقاومة ولن توقف إطلاق الصواريخ وخطف الجنود.. " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " .

فلسطين- غزة 19-11-2008


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق